كان شاعر العراق "معروف الرصافي " جالساً في دكان صديقه ببغداد
و بينما كانا يتجاذبان أطراف الحديث ، وإذا بإمرأة فقيرة تحمل صحناً وطلبت بالاشارة من صاحب الدكان ان يعطيها بضعة قروش
خرج اليها صاحب الدكان وحدثها همساً ، فانصرفت المرأة الفقيرة
فاستفسر الرصافي من صديقه ما بال المرأة
فقال له : إنها أرملة تعيل ايتام وهم الآن جياع وتريد ان ترهن الصحن بأربعة قروش كي تشتري لهم الخبز
فما كان من الرصافي الا ان لحق بها ليعطيها اثني عشر قرشاً كل ما كان يملكه ، فأخذت السيدة الأرملة القروش وهي في حالة تردد وحياء و سلمت الصحن للرصافي و هي تقول : الله يرضى عليك تفضل وخذ الصحن
فرفض الرصافي و غادرها عائداً الى دكان صديقه و قلبه يعتصر من الالم ...
عاد الرصافي إلى بيته ولم يستطع النوم ليلتها و راح يكتب
"قصيدة الأرملة المرضعة " والدموع تنهمر من عينيه فجاء التعبير عن المأساة تجسيداً صادقاً لدقة ورقة التعبير عن مشكلة أجتماعية موجعه هى ((الفقر و الفقراء ))
يقول الرصافي:
لقيتها ليتني ما كنت ألقاها
تمشي وقد أثقل الاملاق ممشاه
أثوابها رثة والارجل حافية
والدمع تذرفه في الخد عيناها
بكت من الفقر فاحمرت مدامعها
و أصفر كالورس من جوع محياها
مات الذي كان يحميها و يسعدها
فالدهر من بعده بالفقر أشقاها
الموت أفجعها والفقر أوجعها
والهم أنحلها والغم أضناها
وتعد هذه القصيدة من روائع الشعر العربي في عصر النهضة ..
بل إن من روعتها نال درجة الدكتوارة بها طالب فرنسي في جامعة الزيتونة بتونس
وترجمت قصيدته الى اللغة الفرنسية والانجليزية لتعدد الصور الوصفية المؤثرة في نفوس النبلاء ..